Sxill

عن الكتابة

بدأت تجربتي في الكتابة في محاولاتي لتأليف قصص قصيرة شبيهة بتلك التي كانت تحكيها لي أمي قبل النوم. ثم تطورت فأصبحت أكتب بصورة يومية، حيث ألهمتني بطلة فيلم هندي تكتب في مذكراتها شعراً عن غريب ما لم تلتق به أبداً.

 

بالرغم من أنني لم أكتب شعراً، إلا أنه على مدى السنوات تكدست لدي الكثير من الدفاتر المليئة بتفاصيل يوم عاديٍ جداً في المنزل. ثم تطور الأمر مع تقدم العمر وتغير المشاعر، فأصبحت أكتب بعضاً من الأمنيات والخيالات، تماماً كالبطلة في ذلك الفيلم. لسبب ما كنت أشعر بالتزام تجاه الكتابة يتعدى اللحظة: كنت أكتب كي أوثق ما أمر به، مما سيساعدني مستقبلاً في فهم كل ما قد يمر به بناتي وحفيداتي.

انشغلت بالحياة أكثر بعد الجامعة، وانقطعت عن الكتابة. إلا أنني كلما تعرضت للعالم الواسع حولي، أدركت بأنني في وسط لغز معقد لا يمكنني فكه. كان هناك الكثير مما يدور في ذهني وقلبي على نحو دائم، وكنت أرجو أنني عندما أرتب كل ذلك في كلمات وجمل على ورقة بيضاء، سأفهم كل شيء وأخيراً، وأن الحياة ستكون منطقية، وأخيراً! إلا أنه غالباً ما كانت تزداد حيرتي بكل ما أكتبه، فقد كنت أجد قلبي يلفظ ما به دون أي إذن من عقلي، وبالرغم من خيبة أملي، تعلمت أن لا أتجاهل القدرات السحرية للكتابة!

ومن القدرات السحرية للكتابة أيضاً: أن تكتشف بأنك لست وحدك! فكلما شاركت ما كتبت، ووجدت بأنني لمست قلباً أو أثرت مشاعر مشابهة لما مررت به، شعرت بأن قلبي يتسع أكثر، ويحمل ذلك القارئ فيه. لذلك، كان علي الاستمرار في الكتابة، وفي هذه المرة لم يكن السبب توثيق حياة طفولة ومراهقة، بل كان علي الاستمرار لكي أوثق بأننا جميعنا متشابهون، وأن التجربة البشرية مشتركة بالرغم من اختلافها، وأننا مهما ظننا بأننا وحدنا، فنحن لسنا كذلك، وفي رأيي، هذا أعظم دور للكتابة.

كيف تبدأ بالكتابة؟ (هنا أكتب عن الكتابة، فعل الكتابة، وليس نوعًا معيناً كالمقالات والروايات):

1- ابدأ بمذكرة بسيطة.

 اكتب يومياتك، حتى وإن كانت لا تتعدى عدة أسطر. تذكر لحظة معينة، اكتب عنها، بماذا شعرت؟ ماذا حدث؟ كيف انعكس ضوء الشمس على الشخص الذي كان يحدثك في اللحظة تلك؟ كيف كانت أنفاسك؟ تمعن في التفاصيل، أسردها. اقرأ ما كتبته: ها أنت قد كتبت! مبروك!

2- اكتب في أي مكان.

قال لي أحد أصدقائي يوماً ما بأنه لا يستطيع الكتابة إلا باستخدام هاتفه الذكي. استنكرت الأمر في بادئ الأمر، ثم جربته، ثم أدمنته. كان عام ٢٠١٨ أكثر السنوات إنتاجية في الكتابة لي لأنني كنت أكتب الخاطرة فور اعتمال المشاعر في قلبي، على هاتفي، على السرير في ظلامٍ دامس.

3- اخلق روتيناً للكتابة- أو لا تفعل.

الكثير من الروائيين والكتاب ينصحون بخلق روتين معين للكتابة، عدد ساعاتٍ معينة في الصباح الباكر مثلاً، أو في الليل. بالنسبة لي شخصيًا، لا أستطيع استحضار الإلهام بالصورة هذه. مما يأخذني إلى النقطة التالية.

4- تقبل كل مصادر الإلهام.

لا تبحث عن الإلهام، لأنه قد يكون أمامك، في رائحة عطر جديد، أو وجه أطال النظر في عينيك، أو قطرات مطر لامست وجهك بالرغم من المظلة التي تحملها في يدك، أو صديق تحدث معك طويلاً، فاطمأن قلبك. في كل هذه الأشياء مشاعر تثار، وتفاصيل قد تملأ صفحاتٍ وصفحات. تذكرها، عبّر عنها، اكتبها.

5- اكتب، نام، استيقظ، راجع ما كتبت، ثم اجرِ التعديلات اللازمة.

إعطاء وقت بين الكتابة والمراجعة يساعدك في إجراء التعديلات بشكل أفضل.

6- اقرأ.

نعم، للأسف، لا تستطيع التعبير بشكل يرضي قلبك وقلب من يقرأ لك، إن لم يكن لديك مخزون من الكلمات يسعفك في وصف اليد الدافئة التي صافحتها في ليلة باردة. اقرأ ما تحب، من روايات وأشعار، أو أي نوع من الكتب شبيه بما تود كتابته، المهم أن تقرأ.

هناك الكثير من الكتب عن الكتابة التي قد تساعدك، من الكتب التي قرأتها والتي أنصح بقراءتها بشدة هو كتاب الحقيقة والكتابة للكاتبة بثينة العيسى. ساعدني هذا الكتاب في فهم الروايات التي أقرأها بشكل أفضل، بالإضافة إلى أنه يحوي مراجع عديدة لأفضل الكتب عن الكتابة.

ربما تكتب لنفسك، وربما تكتب لأنك تودّ مشاركة ما تكتب لشخص عزيز، أو حتى العالم بأسره. إن بدأت في التفكير في من سيقرأ ما تكتب، لن تبدأ في الكتابة أبداً (صدقني، فقد توقفت عن الكتابة لعامين كاملين لهذا السبب). اكتب وكأن أحداً لن يقرأ، اشعر بالحرية المطلقة، وهنالك فقط ستتدفق الكلمات من قلبك بسرعة لن تستطيع أصابعك أن تجاريها.

قصة سريعة: قالت الروائية إليف شفاق بأنها لا تستطيع الكتابة بلغتها الأم التركية، لأنها تشعر بأنها تمارس المراقبة الذاتية، لذلك فهي تكتب الروايات باللغة الإنجليزية ثم تستعين بمن يترجمها للتركية. ربما تجرب هذه الحيلة أنت أيضاً!

سأسعد كثيراً بقراءات كتاباتكم. أرسلوها لي!

 

 

السيرة الذاتية

سناء حسين المرزوقي كاتبة إماراتية  صدر لها كتاب ” رسائل سين ” في عام ٢٠١٤، حيث كتبت فيه  مجموعة من الخواطر والمقالات عن الحياة. تنشر حالياً كتاباتها بصورة دورية  على مدونتها وفي مجلة سكة الالكترونية ، وتعمل على كتابها القادم.

Instagram: Sanaalmarzooqi

Twitter: Sanaalmarzooqi